الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن النية في الهبة والعطية ونحو ذلك غير معتبرة شرعاً ما لم يصحبها قول أو فعل وحوز من الموهوب له أو وليه للهبة أو العطية في حياة الواهب أو المعطي.
كما أن الهبة المعلقة بالموت تؤول وصية، فتصح بشروط الوصية، لأن العبرة بالمعاني لا بالمباني، وبناء على ما تقدم، فإذا كان قول الميت قبل وفاته (لفلان ألف دولار) أو لأبناء أختي كذا وكذا ونحو ذلك من الألفاظ إذا كان قصد به الهبة والتمليك لكنه لم ينفذ ذلك خشية نفاذ ماله حتى مات، فالهبة باطلة كما ذكرنا.
وإن كان قصد الوصية، فإنها لا تصح للوارث ولا تنفذ إلا إذا أجازها بقية الورثة أو بعضهم، فتنفذ في حق من أجازها لما رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي من حيث ابن عباس مرفوعاً: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة.
فإذا رضي الورثة، وأجازوا الوصية أو خصوا بعضهم ببعض التركة جاز ذلك، وقد بينا في الفتوى رقم: 25102، والفتوى رقم: 9088 شروط جواز الوصية للوارث، ومتى تصح ومتى لا تصح، كما بينا في الفتويين التاليتين: 569، 2333، الفرق بين الوصية والهبة، ومتى تنفذان وشروط ذلك.
وننبه السائل إلى أن الذي يظهر من مسألة الزوجة أن الزوج قد أوصى لها بنصف ماله، لأنه قد مات والمال بيده وعلى ذمته، فإن كانت الزوجة مشاركة للزوج بمال أو لها وديعة عنده أو نحو ذلك، فعليها أن تثبت ذلك بالبينة إن كانت تدعيه، وإن كان الأمر كما ذكرنا وأن ذلك وصية من الزوج أو هبة معلقة بالموت فسبيلها سبيل الوصية كما بينا، والوصية إذا كانت لوارث، فإنها لا تنفذ إلا بما ذكر في الفتاوى المحال إليها سابقاً.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.