الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فوصول الأمر بينك وبين زوجتك وأهلها إلى هذا الحد من تبادل السب والشتم والضرب وإبلاغهم عنك الشرطة ووصولكم إلى المحاكم شيء مؤسف للغاية، ولا ينبغي أن يصل بين مسلمين فضلاً عن زوجين يفترض أن يكون بينهما من الود والرحمة والشفقة الشيء الكثير، وأن يكون كل منهما سكنا للآخر وشريكا له في حياته حلوها ومرها، وخصوصاً إذا كان بينهما أولاد.
فالذي ننصحك به الآن هو أنك إن كنت قادراً على الصبر على هذه المرأة وراجياً صلاحها وعودتها إلى رشدها وقد رأيت منها ما يدل على ندمها وتبدل حالها فلا شك أن بقاءك معها إلى جنب أولادك خير وأولى، فالله سبحانه وتعالى يقول: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}، وقال تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {النحل:126}، وقال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10}، وقال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}، وأما الشكوك التي في نفسك فينبغي أن تتركها وتزيلها عنك، فقد قال تعالى: إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}، وقال صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث. متفق عليه.
ولتعلم أن المشاكل الزوجية قلما يخلو منها بيت، ولا ينبغي أن تكون سبباً لفصم عرى وثيقة قد أحكمت، سيما بعد مجيء الأولاد فلا يلجأ إلى الطلاق إلا عند استحالة العشرة تماماً فهو كالكي، والكي آخر الدواء، وأما أهلها وقد شاركوا فيما حدث فينبغي أن توسط بينك وبينهم من يصلح ويرأب الصدع حتى تعود مياه المودة إلى مجاريها، فكلاكما قد ارتكب خطأ لأن ضرب الزوجة لا يجوز إلا بضوابط محددة وبأسلوب محدد، كما بينا في الفتوى رقم: 69 وليس ما ذكرته من ذلك سيما أمام والديها، وإن كان لا يجوز لها التطاول عليك ولا لوالدها إذايتك بالسب ولا بغيره، ولكن ما حصل كله نزغة من نزغات إبليس وإغوائه للإفساد بينكم، فلتعودوا إلى رشدكم جميعاً وتصلحوا ما فسد، والصلح خير، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.