الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعصمة معناها في اللغة: مطلق المنع والحفظ، وعصمة الله عبده: أن يمنعه ويحفظه مما يوبقه. وتطلق العصمة على عقد النكاح، قال تعالى: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ . قال المفسرون: المراد بالعصمة هنا النكاح، وقالوا: والمعنى لا تتمسكوا بزوجاتكم الكافرات فليس بينكم وبينهن عصمة ولا علاقة زوجية. انتهى من الموسوعة الفقهية. إذاً فالعصمة في سياق سؤال السائل هي النكاح، وإنهاء العصمة بالطلاق من حق الرجل، وللرجل أن يفوض فيه المرأة، فلا تكون العصمة بيد الزوجة إلا بتفويض من الزوج، وهذا التفويض إما أن يكون قبل العقد، أو بعده. فإذا كان قبل العقد، فلا يصح عند أكثر الفقهاء لأنه مخالف لمقتضى العقد. وأجازه الحنفية في حال ابتدأت به المرأة فقالت: زوجت نفسي منك على أن يكون أمري بيدي، فقال الزوج: قبلت، أما لو بدأ الزوج فقال: تزوجتك على أن أمرك بيدك فلا يكون أمرها بيدها لأن التفويض وقع قبل الزواج. وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 22854. وأما إذا كان بعد العقد فأكثر الفقهاء على جوازه، ونقل الإجماع على ذلك، وأكثرهم قيدوه بمجلس التفويض، وانظر الفتوى رقم: 9050.
ومن خلال ما تقدم يتبين لنا الفرق بين التفويض للزوجة بالطلاق قبل العقد أو بعده، وفي كل حال فهو تفويض. وجعل العصمة بيد الزوجة إذا كان بعد العقد فجائز كما تقدم، وأما كونه عيبا أو غير محبب اجتماعيا فهذا لا يجعله حراما، وإن كان الأولى عدم جعله بيد الزوجة نظرا لطبيعة المرأة العاطفية التي قد تدفعها لإساءة التصرف، فتطلق نفسها لأهون الأسباب، وتهدم عش الزوجية.