الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يتعين على المسلم عدم الخوض في تفسير القرآن من دون اعتماد على كلام أهل العلم أو استدلال بلغة العرب التي نزل بها القرآن، وليعلم أن أو تفيد التخيير بين الشيئين مع معاني أخرى ذكرها شراح الألفية وابن هشام في المغني وأوضح المسالك، ولم يذكروا منها المعادلة والمطابقة، ولا يلزم أن تفيد التساوي بين الشيئين، فلو قال رجل لآخر خذ من مالي درهماً أو ديناراً فلا أحد يفهم من هذا تساوي الدينار والدرهم، ولا أحد يفهم من قوله تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة: 229}. أن الإمساك والتسريح متساويان، وقد قدمنا في فتاوى سابقة أن معنى آية النور أن الزاني لا ينكح أي لا يطاوعه على الزنا إلا زانية أو من هي أخس منها كالمشركة، فراجع الفتوى رقم: 2403، والفتوى رقم: 62719 ، والفتوى رقم: 6996.
ويدل لعدم تماثل وتعادل الشرك والزنى ما في حديث الصحيحين عن ابن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر قال أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قال: ثم أي، قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قال: ثم أي، قال: أن تزاني بحليلة جارك.
فقد جعل الزنى في هذا الحديث أقل شأناً من الشرك، وأصرح من هذا ما في حديث الصحيحين عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، قلت: وإن زنى وإن سرق قال: وإن زنى وإن سرق.
وقد نقل النووي في شرح مسلم الإجماع على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أهل الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك، بل هو مؤمنون ناقصوا الإيمان.
والله أعلم.