الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقصة ابن صياد قد أشكلت على كثير من الصحابة وأهل العلم حتى ظنوا أنه هو المسيح الدجال الذي يخرج في آخر الزمان، وممن قال بهذا من الصحابة عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبو ذر وجابر رضي الله عنهم أجمعين، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن محمد بن المنكدر قال: رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن الصياد هو الدجال، قلت: تحلف بالله، قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: وكان أمر ابن صياد فتنة ابتلى الله تعالى بها عباده فعصم الله تعالى منها المسلمين ووقاهم شرها، قال: وليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبي صلى الله عليه وسلم لقول عمر، فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان كالمتوقف في أمره ثم جاءه البيان أنه غيره كما صرح به في حديث تميم.
لكن القول الراجح عند المحققين من أهل العلم أن ابن صياد دجال وليس الدجال الأكبر الموعود في آخر الزمان، فهذا يحصل به التوفيق بين القصتين، ويحصل أيضاً بما ذكره النووي من احتمال أن يكون البيان قد جاء للنبي صلى الله عليه وسلم بعد توقفه في أمر ابن صياد.
وأما الكلام الذي طلبت منا قراءته في الموقع المذكور، فلم نجد فيه شيئاً يمكن الأخذ به، لأن جميع ما فيه مسائل مفترضة، مبنية في الغالب على نصوص من الكتب التي حرفها أهلها، والنص الوحيد الذي يمكن الاستئناس به فيها هو ما أخرجه الإمام أحمد أنه: يمكث أبوا الدجال ثلاثين عاماً لا يولد لهما ثم يولد لهما غلام أعور أضر شيء وأقله نفعاً تنام عيناه ولا ينام قلبه ثم نعت أبويه فقال: أبوه رجل طوال مضطرب اللحم طويل الأنف كأن أنفه منقار وأمه امرأة فرضاخية عظيمة الثديين... وهذا الحديث ضعفه أهل العلم.
والله أعلم.