الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قصة رضاعة سهلة لسالم قصة صحيحة رواها مسلم وغيره.
وقد قال بعدم ثبوت الحرمة لمن رضع بعد الكبر جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة، وجمهور أئمة المحدثين، ولم يطعن أحد منهم في سند الحديث ولم يضعفه فيما نعلم، وإنما احتجوا باحتجاجات أخرى منها أنه منسوخ أو مخصوص بسهلة أو مخصوص بمن تحتاج لمخالطة الرضيع مثل حاجة سهلة إلى غير ذلك كما ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين وابن قدامة في المغني.
وقد روى ابن سعد في الطبقات بسنده أنها كانت تحلب في مسعط أوإناء قدر رضعته، فيشربه سالم في كل يوم حتى مضت خمسة أيام، فعلى المسلم أن يثق بما ورد في الصحيحين أو أحدهما، فقد ذكر أهل المصطلح أن ما أسنداه يقطع أو يظن بصحته.
وأما استشكال أهل الضلال من النصارى أو غيرهم وزعمهم أنه لا يوجد حليب أبداً في صدر سهلة فهو زعم لا يؤيده وحي ولا تجربة، ولا يسوغ أن يشكك فيما ثبت في الصحيحين، فلم يرد في الوحي أنها لا يوجد بها بعد فطام ولدها محمد بن أبي حذيفة لبن، وقد شهت التجربة قديماً وحديثاً أن بعض النساء يبقى فيها اللبن بعد فطام ولدها.
وقد ذكر المزي في تهذيب الكمال أن أم سلمة رضي الله عنها أرضعت الحسن البصري ودر عليه ثديها فشرب منه، ومن المعلوم أن الحسن ولد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وأن أم سلمة لم تلد بعد زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.