الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيحرم على الرجل الخلوة بالمرأة الأجنبية عنه ولو كانت الخلوة لعبادة كالصلاة وقراءة القرآن ونحوهما؛ لما في ذلك من المفاسد الكبيرة التي منها حضور الشيطان ووسوسته لهما وسعيه لإيقاعهما في المعصية، وقد جاءت الاحاديث النبوية الصحيحة محرمة لذلك، ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. وما روياه أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. وما رواه أحمد والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم، فإن الشيطان ثالثهما.
وإذا كان هذا في مجرد خلوة قد تكون عابرة فإن سكن الأجنبي مع نساء أولى بالتحريم؛ بل إن السكن يكون محرما وإن كان معها محرم إذا لم يكن السكن واسعا بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر.
قال زكريا الأنصاري: علم جواز خلوة الرجل بالأجنبية مع المحرم، وامتناع مساكنته إياها معه إلا عند تعدد الحجر أو اتساعها بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر. انتهى.
فإذا كان سكن هذا الشخص مستقلا عن سكن النساء وإن لاصقه لا حرج في ذلك، لكن بشرط عدم اتحاد المرافق بينهما كالممر والمطبخ أو الخلاء ونحو ذلك.
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: فإذا سكنت المرأة مع أجنبي في حجرتين أو في علو وسفل أو دار وحجرة اشترط أن لا يتحدا في مرفق كمطبخ أو خلاء أو بئر أو سطح أو مصعد، فإن اتحدا في واحد مما ذكر حرمت المساكنة لأنها حينئذ مظنة الخلوة المحرمة، وكذا إن اختلفا في الكل ولم يغلق ما بينهما من باب أو يسد أو أغلق لكن ممر أحدهما على الآخر، أو باب مسكن أحدهما في مسكن الآخر. انتهى.
وعليه، فإذا اضطر هذا الشخص للسكن فيفصل سكنه بما ذكر، أو يبحث عن سكن آخر ولو متواضعا متى قدر عليه، ولا يدخل البيت إلا في وقت وجود المحارم، ولا حرج عليه إذا رأى امرأة فجأة ولكن عليه أن يصرف بصره.
فعن جرير رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري. رواه مسلم. وفي سنن الترمذي وحسنه عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: يا علي: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة.
والله أعلم.