الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان وضع أموال القاصرين في المجلس الحسبي إجباريا فلا إثم على الوصي ولا الصبي مالك المال بعد بلوغه سن التكليف، لأنه لا اختيار له فهو في حكم المكره.
والواجب على الوصي وكذلك الصبي بعد بلوغه راشداً أن يحول حسابه من هذا المجلس الذي يتعامل مع البنوك الربوية إلى جهة أخرى لا تتعامل بصورة محرمة، متى أمكنه ذلك.
وبما أنك تستطيع الآن إيقاف تشغيل المال في البنك بتقديم طلب لذلك، فواجبك أن لا تتوانى في تقديم هذا الطلب، كما يجب على الوصي وكذا الصبي بعد بلوغه أن يتخلص من الفوائد الربوية المترتبة على هذا المال، وذلك بإنفاقها في مصالح المسلمين، لأن الفوائد الربوية مال محرم لا يحل لمكتسبه تملكه، بل يجب عليه التخلص منه.
وراجع في هذا الفتوى رقم: 1220، والفتوى رقم: 17806، وراجع أيضاً الفتويين رقم: 16206، 38847.
علماً بأن الزكاة تجب في أصل هذا المال دون ما ترتب عليه من فوائد ربوية، وأن هذه الزكاة لا تسقط بالتقادم ولا بالجهل بها، كما بيناه في الفتوى رقم: 56046.
لأن الزكاة حق الفقراء، وحقوق العباد لا تسقط إلا بمسامحتهم فيها وتنازلهم عنها، والذي يسقط بالجهل في مثل هذه الحقوق هو الإثم، لكن الحق لا يسقط بحال، قال الرحيباني في مطالب أولي النهي وهو حنبلي: من اعتقد أن الحج يسقط ما عليه من صلاة وزكاة، فإنه يستتاب بعد تعريفه إن كان جاهلاً، فإن تاب وإلا قتل، ولا يسقط حق آدمي من مال أو عرض أو دم بالحج إجماعاً. انتهى
وقال الدميري: في الحديث الصحيح من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. وهو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحقوق الله تعالى خاصة دون العباد، ولا تسقط الحقوق أنفسها، فمن كان عليه صلاة أو كفارة ونحوها من حقوق الله تعالى لا تسقط عنه لأنها حقوق لا ذنوب إنما الذنب تأخيرها. انتهى
الشاهد أن الحقوق بما فيها الزكاة لا تسقطها التوبة ولا الحج، بل لا بد من أدائها.
وننبه السائل إلى أنه يجوز له الانتفاع بالفوائد الربوية في حالة حاجته إليها (أي إذا كان متصفاً بوصف الفقر) لأن الشرع أمره بإنفاقها على المحتاجين، فإذا كان هو أحد المحتاجين فهو أولى الناس بها.
وراجع الفتوى رقم: 57390.
والله أعلم.