الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى عليك ما للوالدين من منزلة عظيمة، فقد رفع الشرع من شأنهما وأمر ببرهما والإحسان إليهما، وخاصة الأم، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان: 14}.
فمهما أمكن الأولاد كسب رضا أمهم بما ليس فيه معصية فليفعلوا، ففي ذلك خير الدنيا والآخرة، روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
فالواجب عليكم بر أمكم والإحسان إليها، ولا تجوز الإساءة إلى الأم وإن أساءت إلى ولدها، والواجب الحذر مما قد يؤدي إلى سخطها وبخصوص ما حدث منكم مع زوج أمكم، فرد السيئة بمثلها وإن كان جائزاً شرعاً إلا أن العفو والصفح أولى، قال تعالى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ {النحل: 126}.
وخاصة إذا كان من صدرت منه الإساءة هو زوج الأم، وكان في الرد عليه سخط الأم، فهذا مما يستبين به كون الصبر والعفو أولى.
ولا يلزمكم شرعاً السماح لزوج أمكم بالسكن معكم في البيت، ولكن الأولى أن تحاولوا إقناع أمكم بابتعاد هذا الرجل عنكم دفعاً لأسباب الخصام، بدلاً من طرده من البيت واستفزاز مشاعر أمكم بذلك، ولا بأس بأن تشفعوا بأهل الخير والعقلاء من الناس في تحقيق الإصلاح لأن في الوفاق خيراً.
وأما الخدمة في البيت، فالواجب عليك خدمة أمك فيما تحتاج إلى خدمتك فيه بما ليس فيه ضرر عليك أو مشقة لا تحتمل، فقد ذكر العلماء أن من حقوق الوالدين على الولد أن يخدمهما إذا احتاجا إلى الخدمة، ويمكنك القيام بما تستطيعين القيام به من خدمة في البيت، ولاسيما إن كان في ذلك رضا أمك.
وننبه إلى أن حق الأم في الحضانة يسقط بزواجها من رجل آخر، فإن كان من أولادها من هو في سن الحضانة فقد سقط حقها في حضانتهم بزواجها، وتراجع الفتوى رقم: 9105 .
والله أعلم.