الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن لفظ (تجري تحتها الأنهار) بدون (من) ورد في القرآن الكريم في موضع واحد في سورة التوبة الآية رقم 100 فقرأها الجمهور بدون (من) بالنصب على الظرفية، كما كتبت بذلك في مصاحف الأمصار ما عدا مصحف مكة، وقرأها ابن كثير بزيادة (من) كباقي أخواتها كما هو مكتوب في مصحف أهل مكة.
وقد ذكر العلامة ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير الفرق بين القراءتين فقال: وقد خالفت هذه الآية عند معظم القراء أخواتها فلم تذكر فيها (من) مع (تحتها) في غالب المصاحف، وفي رواية جمهور القراء فتكون خالية من التأكيد، إذ ليس لحرف (من) معنى مع أسماء الظروف إلا التأكيد، ويكون خلو الجملة من التأكيد لحصول ما يغني عنه من إفادة التقوي بتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي، ومن فعل (أعد) المؤذن بكمال العناية فلا يكون المعدُّ إلا أكمل نوعه.
وعلى هذا فـ(من) في الآيات الأخرى لزيادة التوكيد، وليست للبيان... وعدم ذكرها في سورة التوبة لحصول ما يغني عنها من أدوات التوكيد، وذكرها في قراءة ابن كثير يفيد زيادة التوكيد.
والله أعلم.