الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكفالة اليتيم لها من الفضل والثواب ما لا يعلم قدره إلا الله، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى. وأي منزلة أفضل من ذلك؟
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشتكي قسوة قلبه فقال له: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك. أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
وورد في كفالة المسكين والأرملة ولو غير متصفين بصفة اليتم فضل كبير، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله. وأحسبه قال: كالقائم الذي لا يفتر، وكالصائم الذي لا يفطر.
وعليه فالذي نجزم به هو أن في كفالة اليتيم وفي كفالة الأسر المحتاجة من الخير ما لا يعلم قدره إلا الله. وأما القول بأن كفالة الأسرة تعادل كفالة اليتيم، فإن ذلك يحتاج إلى توقيف من الشارع، وهو ما لم نقف عليه.
ولكن القواعد تقتضي إيثار المضطر من الناس، وقد ندب الشرع إلى تفريج الكرب؛ ففي صحيح البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة...الحديث. وفي صحيح مسلم والمسند وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر عن معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وعليه فلا يبعد أن تكون كفالة الأسر أولى من كفالة الأيتام الذين قد أعطوا من المال ما صاروا به أغنياء.
والله أعلم.