الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن المسلم لا يجوز له أن يستسلم للوساوس، وأن الوسواس من كيد الشيطان يريد به أن يصرف الصالحين عن عبادتهم، ويقطعهم عما يقربهم من ربهم، ويكدر عليهم عيشهم. وإذا استسلم الشخص للوساوس ولم يقطعها فقد تجره إلى ما لا تحمد عقباه.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فاعلم أن أي عضو لامس نجاسة مبلولة فإنه يتنجس، والذي يلاقيه قبل يبسه يتنجس أيضًا.
وأما إذا يبس المحل المتنجس أو زالت عين النجاسة منه بغير الماء الطهور، فحكم النجاسة يبقى فيه، ولكن حكم النجاسة أمر مقدر لا ينتقل إلى غيره بالملامسة اتفاقًا إذا كان الملامس له جسمًا يابسًا، وعلى خلاف إن كان ملاقيه جسمًا مبتلاً.
قال الحطاب: إذا أزيلت النجاسة بغير الماء المطلق إما بماء مضاف أو بشيء قلاع غير الماء كالخل ونحوه وقلنا إن ذلك لا يطهر محل النجاسة وإنه محكوم عليه بها، ولا تجوز الصلاة به ثم لاقى ذلك المحل وهو مبلول شيئًا، أو لاقاه شيء مبلول بعد أن جف، أو في حال بلله فهل يتنجس ما لاقاه، أو لا يتنجس؟ قولان ...
وقال العدوي: تنبيه: إذا لبس ثوبًا متنجسًا وعرق في ذلك الثوب، فإن كان يتحلل شيء من النجاسة ويلتصق بالجسد الذي حصل فيه العرق، فيجب غسل النجاسة المتحللة، وأما إن لم يتحلل شيء ولم يظهر أثر في الجسد فلا يجب غسل، كما لو كانت النجاسة بولاً... لأنه لا يمكن تحلل شيء منه في هذه الحالة ذكره بعض.
وفي مجمع الأنهر على الفقه الحنفي: ... لو وضع الثوب حال كونه رطبًا على مطيَّن بطين نجس جاف - بتشديد الفاء من جف - لأن الجفاف يجذب رطوبة الثوب فلا يتنجس، وأما إذا كان رطبًا فيتنجس.
وعند الشافعية والحنابلة يتنجس الرطب الطاهر بملاقاته لمتنجس جاف. ولك أن تراجع في كل ذلك فتوانا رقم: 62420.
وعليه.. فإذا تنجس شيء من بدنك ببول أو غيره من النجاسات فواجبك أن تغسله، ولا يجوز لك الصلاة قبل غسله. وإذا لامس بدنك أو ثوبك محلا متنجسًا يابسًا، فإن كان الملامس يابسًا أيضًا فلا شيء عليك، وإن كان مبتلاً فقد علمت ما فيه من الخلاف.
ولا شك في أن الأخذ بالأحوط هو الموافق للورع، ولكن ما ذكرته من المشقة والإرهاق يجلبان لك التيسير، وبالتالي فلو أخذت بالقول الأخف لم يكن عليك فيه حرج.
والله أعلم.