الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الآية المشار إليها هي قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ {الأنفال:65}، كان هذا في بداية الأمر فكان على الواحد من المسلمين أن يقاتل عشرة من المشركين وعلى العشرة أن يقاتلوا مائة وهكذا، فلا يجوز الفرار أمام المشركين إذا كان العدد بهذه النسبة، ثم نسخ ذلك بالآية التي بعدها وخفف الحكم بأن يقاتل الواحد منهم اثنين من المشركين، فنزل قول الله تعالى: الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ {الأنفال:66}، ففي صحيح البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت: إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين. شق ذلك على المسلمين حين فرض عليهم ألا يفر واحد من عشرة فجاء التخفيف فقال الله تعالى: الآن خفف الله عنكم... قال: فلما خفف الله عنهم من العدة نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم. ولذلك فالآية كانت تحدد النسبة التي لا يجوز للمسلمين الفرار منها إذا لم يتجاوزها الكفار.
والله أعلم.