الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الإنكار من والد الزوج فقط والزوج مقر بالطلاق فلا اعتبار لإنكار والده لأن المعتبر هو إقرار الزوج أو إنكاره فقط لا غيره . ثم إن الطلاق لا يشترط لوقوعه الإشهاد فمتى أوقع الرجل الطلاق على زوجته دون إكراه وقصده فقد وقع ولو لم يشهد عليه؛ كما بينا في الفتوى رقم : 10423.
فإذا كان الزوج منكرا للطلاق أو مدعياً الرجعة فلا بد من رفع الأمر إلى المحكمة فهي التي لها القول الفصل في ذلك، وتستطيع الحكم فيه بحسب ما يترجح للقاضي من النظر فيها .
فإن كان لكِ شاهدان عدلان على الطلاق فلا شك أن القاضي سيحكم به، وقد يحكم بشهادة الأب إذا كان عدلاً لأن بعض الفقهاء يحكم بها . ولديك قرائن أخرى على ذلك ومنها بقاؤك في بيت أبيك خلال تلك الفترة كلها، وكذلك شيوع الخبر بين الناس ونحوه ، كما أن بعض الفقهاء يحكم في ذلك بشاهد واحد إذا نكل الزوج عن اليمين .
وهذه المسألة قد بحثت في كتب الفقهاء؛ بل إن ابن القيم رحمه الله عقد لها باب مستقلاً . ومما ذكروه هنا أن القاضي لو حكم للزوج ببقاء العصمة فلا يجوز للزوجة أن تمكنه من نفسها لأن حكم القاضي لا يحل الحرام، وهي تعلم أنها أجنبية عنه . وإذا استطاعت أن تفتدي منه وجب عليها ذلك. قال خليل بن إسحاق في مختصره: ولا تمكنه زوجته إن سمعت إقراره وبانت، ولا تتزين إلا كرها، ولتفتد منه. وإذا وقع عليها في ذلك فهو زنى وعليه الإثم . كما بينا في الفتوى رقم : 30001 . ورقم : 33068 .
ولكن القول الفصل في هذا كله إنما هو للمحكمة فينبغي رفع المسألة إليها لتحكم فيها بما تراه . سيما وأنك في بلد إسلامي وتنتشر به المحاكم الشرعية فلا تترددي في رفع الأمر إليها .
والله أعلم .