الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الحافظ ابن حجر: (فائدة: ذهب جماعة إلى أنه لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة، إلا ما وقع الأمر به من صلاة الليل من غير تحديد، وذهب الحربي إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وذكر الشافعي عن بعض أهل العلم أن صلاة الليل كانت مفروضة، ثم نسخت بقوله تعالى: فاقرؤوا ما تيسر منه. فصار قيام بعض الليل فرضاً، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس. اهـ من فتح الباري.
ويشهد لما ذهب إليه الإمام الشافعي من فرضية قيام بعض الليل، ما رواه مسلم أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت للسائل: ألست تقرأ: يا أيها المزمل؟ قلت (السائل): بلى! قالت: إن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة (المزمل)، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً، وأمسك الله عز وجل خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء، حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة.
والخلاف بين عائشة رضي الله عنها والشافعي هو في الناسخ، هل هو آخر السورة كما ذهبت عائشة؟ أم هي الصلوات الخمس كما قال الإمام الشافعي؟ وهو خلاف لا يضر طالما اتفقا على أن وجوب قيام الليل منسوخ.
والله أعلم.