الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا أن قوانين البلاد التي يدخلها المسلم بعهد ولا تخالف الشرع يلزم المسلم ألا يخالفها أو يعين على مخالفتها، لأن ذلك مما يقتضيه العهد، وقد قال الله تعالى: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً {الإسراء:34}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
وإذا تقرر هذا فإذا كان المقصود بالعمل الأسود، العمل في الخفاء للتهرب من دفع الضرائب وكانت الضرائب مقابل خدمات يحصل عليها من تؤخذ منه، فلا يجوز ذلك، أما إذا كانت من غير مقابل فلا بأس بالتهرب منها بالعمل في الخفاء لأنها حينئذ غير شرعية ومحض ظلم، ولا يحرم العمل المباح في نفسه في هذه الحالة لمجرد ذلك إذ لا علاقة بين كون الضرائب لا تجوز وبين مشروعية العمل.
وإذا كانت قوانين البلد تشترط للحصول على تعويض عن البطالة عدم العمل أو عدم وجود فرصة عمل مناسبة فلا يجوز مخالفتها أو التحايل عليها، سواء كان ذلك لغرض الدعوة أم لا لعموم الأدلة المتقدمة، ولا سيما أن الدعاة إلى الله هم أولى الناس باحترام العهود والشروط.
والله أعلم.