الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نود أولا أن ننبهك إلى أن ما يقوم به البنك من تحويل العملات يدخل في موضوع الصرف. والصرف يشترط لجوازه أن يكون يدا بيد، وفي العملة الواحدة أن يكون مثلا بمثل، زيادة على شرط المناجزة. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب. والفضة بالفضة. والبر بالبر. والشعير بالشعير. والتمر بالتمر. والملح بالملح. مثلا بمثل. سواء بسواء. يدا بيد. فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد. رواه مسلم.
وعليه، فالعملية التي تتم مع البنك غير صحيحة لفقدها شرط المناجزة في القبض. وهذا على تقدير أن ما ذكرته من الإجراءات البيروقراطية يمكن أن تحول بين المورد وبين استلام المبلغ الذي حول إليه في الوقت الذي يريده فيه.
ولو تحقق في العملية مع البنك الشرط المذكور وقلنا بصحتها حينئذ، لكانت العملية المسؤول عنها تدخل في موضوع بيع الدين، وبيع الدين لغير من هو عليه محل خلاف عند الفقهاء. ومن قالوا بجوازه اشترطوا شروطا من أهمها: أن يكون المدين مليئا، مقرا بالدين، أو عليه بينة لا كلفة في إقامتها، وذلك لانتفاء الضرر الناشئ عن عدم قدرة صاحب الحق على تسلم حقه منه، وكذلك يشترط التقابض في مجلس البيع إذا كان مما لا يباع نسيئة كالربويات ببعضها.
قال الحطاب: ...قال في وثائق الغرناطي: لا يجوز بيع الدين إلا بخمسة شروط: أن لا يكون طعاما (يعني من بيع) وأن يكون الغريم حاضرا مقرا به، وأن يباع بغير جنسه، وأن لا يقصد ببيعه ضرر المديان، وأن يكون الثمن نقدا اهـ.
وعليه، فإذا كان الشخص الثالث سيشتري المبلغ المذكور بعملة مخالفة للعملة التي هو منها وأمكنه استلامه في نفس الوقت -وهو ما لم يتحقق في صورة السؤال- وكان سيدفع ثمنه نقدا، فلا مانع من هذه العملية. وإن تخلف بعض تلك الشروط لم تجز.
والله أعلم.