الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي فهمناه من السؤال أن الميتة (مدينة محمد عثمان) لم تترك من الورثة غير أمها وإذا كان كذلك فجميع ما تركته يكون للأم بعد إخراج الحقوق الواجبة من دين أو رهن أو وصية أو غير ذك إن وجد.
وبيانه أن الأم لها الثلث فرضا والباقي رداً ولكن إذا كان من بين أفراد القبيلة أحد من عصبتها فإنه يأخذ الباقي بعد ثلث الأم. وبيان العصبة كما قال الشنشوري في شرحه على الرحبية: هم الأب والجد وإن علا بمحض الذكور والأخ الشقيق والأخ لأب وابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب وإن نزلا بمحض الذكور، والعم الشقيق وإن علا والعم لأب وإن علا وابن العم الشقيق وابن العم لأب وإن نزلا بمحض الذكور. انتهى. منه بتصرف يسير، فهؤلاء هم العصبة وترتيب جهاتهم كالتالي: بنوة أبوة، أخوة، عمومة. فإذا اجتمع أكثر من عاصب فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا. ومعنى القوة أن العم الشقيق يحجب العم لأب وهكذا، فينظر في أفراد القبيلة إن كان من بينهم أحد هؤلاء فيأخذ الباقي بعد فرض الأم -كما بينا- وإن لم يكن بينهم عاصب فالباقي بعد فرض الأم يعاد إليها بالرد ولا يعطى أحد من ذوي الأرحام شيئا لأن الرد على صاحب الفرض غير الزوجين مقدم على توريث ذوي الأرحام.
قال ابن قدامة في المغني: إن الرد يقدم على ميراث ذوي الأرحام فمتى خلف الميت عصبة أو ذا فرض من أقاربه أخذ المال كله ولا شيء لذوي الأرحام، وهذا قول عامة من ورث ذوي الارحام. انتهى. فليس لذوي رحمها شيء مع وجود الأم.
إلا أننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.