الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تَنازُلَ الشخص عن حصته من الميراث حياء وإكراهاً لا يبيحه للمتنازَل له، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه الإمام أحمد.
كما أنه إذا كان في البنات المذكورات من هي صغيرة أو سفيهة فإن تنازلها عن شيء من حقوقها في التركة لا يصح، وبالتالي لا يجوز للورثة تملكه، وأما إن كانت البنات جميعهن بالغات رشيدات وقت التنازل، وقد تنازلن عن سهامهن طواعية مقابل المبلغ الذي تم التراضي عليه، وقد طال الزمن - كما ذكر في السؤال - فليس لهن الرجوع بعد ذلك، ولو كان في المسألة غبن، قال ابن عاصم في تحفة الحكام:
والغبن من يقوم فيه بعدا * أن طال واستغل قد تعدى
قال الشيخ ميارة في شرحه: يعني أن الشركاء إذا قسموا واستغل كل واحد نصيبه وطال الأمد ثم قام أحدهم بالغبن.... فقد تعدى في قيامه، ولا قيام له ولا تسمع دعواه. والطول في ذلك السنة. وكذلك يفيت القيام بالغبن البناء والغرس. قال في طرر ابن عات: قال أبو إبراهيم: لا يقام بالغبن إلا بقرب القسمة وأما بعد طول واستغلال فلا قيام في ذلك. انتهى.
وبناء على جميع ما ذكر، فليس لمن رضيت من البنات بالمبلغ المذكور مقابل التنازل عن حصتها أن ترجع عما تم الاتفاق عليه إن كانت بالغة رشيدة، وأما الصغيرة أو السفيهة فلها ولوليها الرجوع عما اتفق عليه إن كان فيه غبن لها، وأما من تنازلت حياء وخجلا، فقد تقدم في أول الفتوى أن ما تنازلت عنه لا يطيب لمن أخذه، فلا بد أن يكمل لها حقها من التركة، وقد تبين لك مما ذكر أنك لست مطالباً ببذل جميع نصيبك من التركة، وإنما القدر الزائدعلى حقك منها فقط، وكذا جميع إخوتك، وهذا حيث كان الإخوات غير رشيدات أو رضين بما بذل لهن حياء.
والله أعلم.