الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أول ما يخرج من تركة الميت بعد مؤن تجهيزه قضاء ديونه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الترمذي وحسنه، وصححه السيوطي.
قال خليل بن إسحاق: يخرج من تركة الميت حق تعلق بعين كالمرهون وعبد جنى ثم مؤن تجهيزه بالمعروف ثم تقضى ديونه، ثم وصاياه من ثلث الباقي، ثم الباقي لوارثه...
وعليه، فإذا كان ما أقرضتِه لزوجك من ثمن صياغتك ثابتا بالبينة، أو يعترف به الورثة الذين يفيد اعترافهم، بأن كانوا بالغين رشداء، فإنك تستوفينه من التركة قبل تقسيمها. وإن لم يكن ذلك ثابتا، ولم يعترف به الورثة، أو كان اعترافهم لا يفيد، فإنه يكون لك ذخرا في الآخرة إذا احتسبتِه عند الله، وليس لك استيفاؤه الآن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. رواه البيهقي، وصححه الألباني.
وما قيل في ثمن صياغتك يقال مثله في جميع ما أعطيتِه لزوجك من المال على وجه القرض. وأما الذي أعطيتِه له على وجه الهبة فإنه يملكه بمجرد حيازته، وبالتالي يكون أسوة لجميع الورثة.
ثم إننا ننبه السائلة إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.