الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالفهم والحفظ غير النبوة، وعليه فلا نعلم مانعا من أن يسأل إنسان ربه في أن يرزقه فهما وحفظا كفهم وحفظ النبيين .
وأما سؤال الله تعالى عند المذاكرة والامتحان بالدعوات التي ذكرتها فلا مانع منه أيضا؛ لأن المذكور دعاء حسن إلا أن تخصيصه بالأوقات المذكورة لم ترد السنة به فلا يصح أن يعتقد الداعي أن ذلك مما وردت به السنة، وقد نقل عن طائفة من العلماء الحث على أدعية في أزمنة أو أحوال معينة ومن ذلك ما قاله ابن القيم في إعلام الموقعين وهو يتحدث عن المفتين: حقيق بالمفتي أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) وكان شيخنا ــ ابن تيمية ــ كثير الدعاء بذلك ، وكان إذا أشكلت عليه المسائل يقول : يا معلم إبراهيم علمني ، ويكثر الاستعانة بذلك اقتداء بمعاذ بن جبل رضي الله عنه حيث قال لمالك بن يخامر السكسكي عند موته ، وقد رآه يبكي فقال : والله ما أبكي على دنيا كنت أصيبها منك ، ولكن أبكي على العلم والإيمان اللذين كنت أتعلمهما منك ، فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه : إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما، اطلب العلم عند أربعة : عند عويمر أبي الدرداء ، وعند عبد الله بن مسعود ، وأبي موسى الأشعري ، وذكر الرابع ، فإن عجز عنه هؤلاء فسائر أهل الأرض عنه أعجز ، فعليك بمعلم إبراهيم صلوات الله عليه ، وكان بعض السلف يقول عند الإفتاء : سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، وكان مكحول يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وكان مالك يقول : ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وكان بعضهم يقول : رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . وكان بعضهم يقول : اللهم وفقني واهدني وسددني واجمع لي بين الصواب والثواب وأعذني من الخطأ والحرمان ، وكان بعضهم يقرأ الفاتحة ، وجربنا نحن ذلك فرأيناه أقوى أسباب الإصابة ، والمعول في ذلك كله على حسن النية ، وخلوص القصد ، وصدق التوجه في الاستمداد من المعلم الأول معلم الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، فإنه لا يرد من صدق في التوجه إليه لتبليغ دينه وإرشاد عبيده ونصيحتهم والتخلص من القول عليه بلا علم ) .
والله أعلم .