الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها، قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}.
ومن المحافظة على الصلاة أداؤها في الوقت المحدد لها شرعاً والذي لا تجزئ إلا فيه، فاجتهد أن يكون الخروج إلى السوق في وقت لا يترتب عليه تضييع الصلاة، وهذا ممكن في غالب الأحوال.
مع التنبيه إلى أن الخروج إلى السوق مكروه لغير حاجة لأنها هي أبغض البقاع إلى الله تعالى إضافة إلى كونها مكاناً لمعركة الشيطان، لما تشتمل عليه من منكرات -غالباً- كالاختلاط المحرم ومشاهدة المحرمات، وحصول البيوع المحرمة، ويكون الأمر أشد في أسواق بلاد الكفر. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 34475.
فإذا كانت هناك ضرورة للخروج إلى السوق وحان وقت الصلاة فيجب أداؤها في وقتها المحدد شرعاً, وبالإمكان أداؤها في بعض الساحات العمومية أو في أي مكان طاهر، ولا يشترط في صحتها المسجد لأن الأرض كلها مسجد للمسلم بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة. انتهى.
ولا يستحي المسلم من أداء صلاته في وقتها بسبب مشاهدة العوام الكفرة ولو كانوا مستغربين لذلك، فإذا تعذر عليكم وجود مكان للصلاة أو كانت صلاتكم في الشارع يترتب عليها ضرر في النفس أو المال، وكان وصولكم للمنزل أو لمكان مناسب للصلاة قبل غروب الشمس بقدر ما تؤدون الظهر والعصر، فلكم حينئذ جمعهما جمع تأخير، وكذلك بالنسبة للمغرب مع العشاء إذا وجدتم مكاناً للصلاة قبل طلوع الفجر الصادق بقدر ما تؤدى فيه الصلاتان، فإذا لم تجدوا مكاناً مناسباً للصلاة وخيف خروج وقتها أديتموها في السيارة حسب استطاعتكم، كما تقدم في الفتوى رقم: 48229، وأوقات الصلوات الخمس سبق بيانها في الفتوى رقم: 40996.
والله أعلم.