الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن شهادة الزور من أكبر الكبائر كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر. أو سئل عن الكبائر؟ فقال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين. فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قال: قول الزور، أو شهادة الزور. قال شعبة: وأكثر ظني أنه قال: شهادة الزور. متفق عليه.
وبما أن شهادة الزور هذه ترتب عليها ظلم ذلك الذي قلت إنه يتيم، فإن واجب أبيك وكان من واجب عمك رحمه الله أن يتوب كل منهما إلى الله من هذه الشهادة، ومما أُخذ بها من المال بغير حق.
والمسلم مطالب بأن يتخلص من ظلم غيره في الدنيا قبل الموت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه. رواه البخاري في صحيحه.
وإذا كان في وسع أبيكم أن لا يرجع ما تبقى من المال إلى ورثة أخيه، أو استرداد ما كان دفعه إلى أبيهم فليفعل، لأنه في الحقيقة ليس ملكا لهم.
وليحاول ما استطاع أن يرجع الثمانية آلاف إلى ذلك اليتيم وأعمامه، وإن توبته لا تتم إلا بذلك ، ثم إنه ليس من البعيد أن يكون سبب ما ذكرت أنه أصابكم من المصائب هو لإعراض أبيكم عن الالتزام بشرع الله. فقد قال الله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه: 124} .
والله أعلم .