الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من كان عليه حق للعباد يجب عليه أن يؤديه إليهم في الدنيا قبل أن يموت ويقضى لهم من حسناته أو يوضع عليه من سيئاتهم ، وذلك لما في حديث البخاري : من كانت له مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه .
وهذا يشمل الحقوق المالية كمن تعدى على مال لأخيه المسلم لما في الحديث : على اليد ما أخذت حتى تؤديه . رواه أحمد .
ويشمل الحقوق المعنوية كمن تعدى على عرض أخيه أو خانه في أهله ، فقد ذكر النووي في رياض الصالحين أن من شروط التوبة من الذنب المتعلقة بحق الآدمي : أن يبرأ من صاحب الحق فإن كان مالا رده إليه ، وإن كان حد قذف مكنه منه أو طلب عفوه ، وإن كان غيبة استحله منها .
واعلم أن خيانة الرجل في أهله من أخطر أنواع الاعتداء ولا سيما عند غياب الزوج في بعض أنواع الجهاد ومنها التكسب ، فربما تسلب من لم يتحلل منه في الدنيا ويستسمحه جميع حسناته كما يدل له حديث مسلم : حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم ، وما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة فيأخذ من عمله ، فما ظنكم ، وفي رواية :فيقال: خذ من حسناته ما شئت .
هذا وقد ذكر أهل العلم أن الزوج لا يصارح في خيانته لأن ذلك قد يغضبه وتتفاقم المشكلة, وإنما يتعين أن تحسن إليه وتترضاه وتطلب السماح في جميع الحقوق .
وأما الوعد بالزواج فأمره أخف مما سبق لأن الجمهور لا يرون وجوب الوفاء بالوعد, وإنما يرون أنه مندوب فقط ، إلا أن الوعد بنية عدم الوفاء أصلا قريب من الكذب على من تعدها, والكذب محرم, ويشتد أمره إذا ترتب عليه لحوق ضرر بأحد ، كأن ترد المرأة من يخطبها بسبب تواعدك معها أو ما أشبه ذلك ، ثم إن كان هذا الوعد وسيلة إلى ارتكاب الحرام معها فإن الأمر يزداد حرمة ، وعلى كل فالسلاح الفعال للتخلص من ذلك كله هو التوبة الصادقة .
والله أعلم .