الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن مهمة مركز الفتوى هي الرد على الأسئلة والاستفسارات الشرعية، وليس من مهمته الدخول في مناظرات ومجادلات مع الآخرين.
ثم إن ما ذكرته من كلام الدكتور المحترم لا نراه في الحقيقة يتعارض مع ما أفتينا به.
فنحن لم نثبت أن ما ذكرته في السؤال هو من اليانصيب أو له شبه باليانصيب، وإنما ذكرنا أن المرء إذا كان إنما يشتري الصكوك لينال الجائزة الشهرية، وليس له هم آخر منها غير ذلك، كان ذلك من الميسر (اليانصيب).
والميسر -كما عرفه أهل العلم- هو كل معاملة دائرة بين الغنم والغرم، والغانم فيه يغنم بغير مقابل، أو في مقابل ضئيل.
والمشتري للصكوك إن كان هدفه هو الجائزة، ولم يكن هدفه الرئيسي من اشترائها هو التنمية والاستثمار، كان شبيها بمن يحاول الغنم دون مقابل، أو في مقابل ضئيل.
وذكرنا أيضا في نفس الفتوى أن المشترين لهذه الصكوك هم بمثابة أرباب القراض، وأنه إذا حصل أحدهم على الجائزة التي تنال بالسحب الشهري، كان ذلك مثل الهدية لرب القراض، وقد علم من النصوص التي سقناها أن الهدية لرب القراض محرمة ما لم يكن لها موجب آخر، وهذا مذهب المالكية. ففي الدسوقي عند قول خليل: (كرب القراض)، قال: أي يحرم عليه إهداء العامل لئلا يقصد بذلك أن يستديم عمله، وكذلك يحرم هدية العامل لرب المال ولو بعد شغل المال. أما قبل شغل المال فبلا خلاف، لأن لرب المال أخذه منه فيتهم أنه إنما أهدى إليه ليبقى المال بيده, وأما بعد شغل المال فعلى المشهور, وقيل يجوز، وهما مبنيان على اعتبار الحال فيجوز لعدم قدرة المالك على انتزاعه منه حينئذ، أو المآل وهو أن يترقب من رب المال أنه بعد نضوض المال يعامله ثانيا لأجل هديته له.
ولا شك في أن فضيلة الشيخ الدكتور المحترم يعرف من هذا الأمر ما ذكرناه، ولعله يرى غيره أرجح منه.
والله أعلم.