الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالغالب أن المانحين لمثل هذا المال يعطونه على وجه الصدقة ولا يريدون استرجاعه ولو لم يحصل الغرض الذي جمع له في الأصل، وعليه يكون ما جمع لتلك المرأة قد أصبح ملكاً لها، تتصرف به كيف شاءت.
وأما إن علم أنهم إنما يعطونه ليستعان به في العملية لا غير، فحينئذ إذا لم يتم الغرض الذي منح من أجله، فإنه يرد لأصحابه، ففي شرح الخرشي عند قول خليل: وإن أعانه جماعة فإن لم يقصدوا الصدقة عليه رجعوا بالفضلة وعلى السيد بما قبضه إن عجز وإلا فلا.... قال: يعني أن المكاتب إذا أعانه جماعة بمال يستعين به على أداء نجوم كتابته فأداها وفضل بعد ذلك فضلة فإن لم يقصدوا بذلك الصدقة عليه بأن قصدوا فكاك رقبته أو لا قصد لهم فإنهم يرجعون عليه بتلك الفضلة، فإن عجز المكاتب عن أداء نجوم الكتابة ورق لسيده فإنهم يرجعون على السيد بما قبضه من مالهم، لأنه لم يحصل قصدهم، وأما إن قصدوا بذلك الصدقة على المكاتب فإنهم لا يرجعون بالفضلة عن أداء النجوم وكذلك إذا لم يفضل شيء بل ولا بما قبضه السيد إن عجز.
وعلى التقدير الأخير، فإن تعذر إرجاع هذا المال لأصحابه بعد البحث والاجتهاد، تُصُدق به عنهم، فإن جاء أحدهم بعد، خير بين إمضاء الصدقة، وبين استرجاع ماله، ولكن لا ينبغي أن يستعجل في شيء من ذلك حتى يتيقن أن العملية لم يعد لها محل.
والله أعلم.