الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج في وضع أحد الجنسين لعطر الجنس الآخر لما أخرجه أحمد في المسند من حديث أبي سعيد الخدري عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه سلم: الغسل يوم الجمعة على كل محتلم والسواك وإنما يمس من الطيب ما يقدر عليه ولو من طيب أهله. قال شعيب الأرناؤوط : صحيح وهذا إسناد حسن ، ما لم يكن في ذلك تشبه كأن يكون عطر النساء خاصا خصوصية شائعة بحيث لا يشم أحد رائحته إلا وعرف أنه عطر نسائي أو العكس، فحينئذ يمنع كل جنس من وضع ما يخص الجنس الآخر لحرمة التشبه كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال . رواه البخاري، ولأنه يعرض عرضه للقالة والغيبة.
ومن دعا الناس إلى ذمه * ذموه بالحق وبالباطل.
والمسلم مسؤول عن عرضه يجب عليه حفظه عما يدنسه، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين مرا به خارجا من معتكفه يشيع إحدى نسائه في ظلمة الليل : إنها صفية . وهو بتمامه في الصحيحين وغيرهما، وقد ذكر المناوي في فيض القدير كلمة للغزالي رحمه الله عند ذلك الحديث يجمل نقلها، قال الغزالي : فانظر كيف أشفق على دينهما فحرسهما وكيف أشفق على أمته فعلمهم طريق التحرز من التهم حتى لا يتساهل العالم الورع المعروف بالدين في أحواله فيقول مثلي لا يظن به إلا خيرا إعجابا منه بنفسه فإن أورع الناس وأتقاهم وأعلمهم لا ينظر الناس كلهم إليه بعين واحدة بل بعين الرضى بعضهم ، وبعين السخط بعضهم فيجب التحرز عن تهمة الأشرار. انتهى.
وللاستزادة ومعرفة ضوابط وشروط جواز وضع الطيب للنساء وغيره، انظر الفتويين :45380/ 7024 .
والله أعلم