الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان من الأكمل لك إذ اعتدى عليك ذاك الشاب أن تصبر وتعفو ابتغاء الأجر من الله. قال تعالى: وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ {آل عمران: 134}، وقال: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله {الشورى: 40}، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال, وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
ثم إنه لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث, يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا, وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
وقد بينا أن صاحب المعاصي لا ينبغي هجره إلا إذا غلب على الظن أن في هجره مصلحة، وإذا وقع فليكن بقدر الحاجة والمصلحة، فهو وسيلة من وسائل تغيير المنكر، فلا ينبغي استخدامه إلا في محله. وانظر الفتوى رقم: 7119 . وعليه، فعدم تكليمك لذلك الرجل يعتبر هجرا غير مباح، إلا أن تَرى فيه مصلحة شرعية أو تَخشى في مكالمته ضررا.
ثم ما ذكرت عنه من إنكار ما لك عليه من الحق يعتبر ظلما، وإذا استطعت أن تستوفيه منه بأية وسيلة مشروعة فلك ذلك. وأما أن تسعى في طرده من العمل فذاك ما لا نراه مباحا لك. فالله تبارك وتعالى قد أباح لمن اعتُدي عليه أن يكافئ بالمثل، لا أن يزيد في الاعتداء. ولك أن تراجع في حكم المتهاون في الصلاة فتوانا رقم: 1195.
والله أعلم.