الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الشهادة أمرها عظيم في الإسلام نظراً لما يترتب عليها من الحقوق والواجبات، ولذلك حذر الشرع من شهادة الزور وجعلها من أكبر الكبائر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً.... وعد منهن شهادة الزور وقول الزور.. والحديث متفق عليه.
وحث على أداء شهادة الحق، فقال تعالى: وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ {البقرة:283}، ويجب على الشاهد أن يتحقق ويتثبت، فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {الإسراء:36}، وقال تعالى: إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {الزخرف:86}، وروى الحاكم والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة، فقال للسائل: هل ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع.
وبناء على ما ذكر، فإنك قد أخطأت خطأ كبيراً بما أدليت به من الشهادة في أمر ليس لك به من العلم ما يكفي للإدلاء بها، ثم هذه اليمين التي حلفتها تعتبر من اليمين الغموس وهي أن يحلف المرء على أمر ماض كاذباً عامداً، أو على أمر ماض شاكاً أو ظاناً ظنا غير قوي كما عند المالكية، قال الدردير: وفسرها بقوله: ...... بأن شك الحالف في المحلوف عليه أو ظن ظناً غير قوي، وأولى إن تعمد الكذب.
وهذه اليمين لا تجب فيها الكفارة عند جمهور أهل العلم خلافاً للشافعية، فعليك أن تبادر إلى التوبة مما اقترفته، وشروط التوبة هي الإقلاع عن الفعل والندم على ارتكابه والعزم أن لا يعاد إليه، ولا بأس بأن تكفر عن يمينك هذه مراعاة لمن يقول بوجوب الكفارة فيها، ثم إن عليك أن تخبر القاضي بأن شهادتك لم تكن على المستوى المطلوب من اليقين وذلك خشية من أن يكون ترتب عليها قطع حق لوارث أو موصى له.
والله أعلم.