الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فقد بينا من قبل معنى الديوث، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 49407 ، وفتوانا رقم: 56653.
ثم اعلمي أن الذي يرسل ابنه وهو في مقتبل العمر إلى الغرب إذا كان يعلم أن الابن سيقع في الفواحش، فإنه يكون آثما بما فعله، لأن من واجبه وقاية ابنه من العذاب. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ {التحريم : 6} . واعلمي أن من فضل الله على العباد وسعة رحمته أنه يقبل التوبة من العبد من أي ذنب كان. قال الباري جل ذكره: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}. وروى ابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. حسنه ابن حجر.
فالشاب الذي كان يزني في الماضي أو الشابة، إذا تاب أي منهما توبة نصوحا ولو بعد أن أشبعا غرائزهما، فإن ذنب التائب منهما مغفور إن شاء الله. وعليه، فلا لوم على الفتاة إذا تزوجت به.
ثم إن الزنا، قد سماه الله فاحشة، سواء كان من فتى أو من فتاة، قال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}.
وسوَّى الله بين المرأة وبين الرجل في حد الزنا. قال تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ {النور: 2 }
وأما ما ذكرته من أن زنا الشاب يسمى زلة، والفتاة إذا فعلت مثله كان ذلك فضيحة وعارا، فإن هذا التفريق ليس من الشرع، وإنما هو في عرف الناس باعتبار أن زنا الشاب مستور في الغالب، بينما زنا الفتاة منكشف لما قد ينجر عنه من حمل أو ذهاب بكارة، مما يجلب العار والفضيحة لها ولأهلها.
والإسلام لم يفرق بين الفتاة وبين الفتى إلا بما يتميز به كل منها من خصائص فلا تبكي ولا تكرهي أباك، وارضي بما قُسم لك، هذا ونحذرك من التسخط على الله تعالى، أو أن تنسبي إلى شرعه ما ليس منه، أو تسبي الدعاة إليه وإلى شرعه أو تستهزئي بهم فإن عاقبة ذلك وخيمة ولن تضري بذلك إلا نفسك .
والله أعلم .