الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الابتلاء سنة من سنن الله في هذا الكون يبتلي من شاء من عباده بأنواع البلاء، فالمسلم العاقل من يجعل من البلاء هناء ومن المحنة منحة، فإنه إذا صبر على هذا البلاء والمحنة كانت له العاقبة الحسنى في الدنيا والأخرى. روى مسلم في صحيحه عن صهيب الرومي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابه سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وروى الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. وليعلم أن الجزع والسخط لا يأتي بمرغوب ولا يدفع مرهوبا وإنما يزيد المرء حسرة وندامة.
واعلمي أن اليأس والقنوط من رحمة الله لا يجوز وهو كبيرة من كبائر الذنوب، فنوصيك وأخواتك بفتح أبواب الأمل وحسن الظن بالله، فارفعن إليه أكف الضراعة وعززن ذلك بالتوبة والاستقامة وأنواع الطاعة، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني.
وأما اليأس من رحمة الله واللجوء إلى معصيته فلن يحل إشكالا ولا يدفع بلاء، بل سيزيد المصيبة شدة والأمر تعقيدا لأن المعاصي سبب في كثير من المصائب، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشُّورى:30} وكيف يليق بالمسلم العاقل أن يضيف إلى خسارة دنياه خسارة أخراه فإن ذلك هو الخسران المبين، فالواجب المبادرة إلى التوبة مما قد مضى والإحسان فيما يستقبل وينبغي الحرص على صحبة الصالحات والاستعانة بهن وبأزواجهن في سبيل الحصول على الزواج الصالح، ولا حرج شرعا في أن تبحث المرأة عن زوج صالح بأدب واحتشام، فقد فعل ذلك خيرات النساء في العهد النبوي وراجعي في هذا الفتوى رقم: 7682 ، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 56732.
ونوصيكن بالإحسان إلى الأقارب ولاسيما الوالدان، ومن أعظم الإحسان بذل النصح بأسلوب طيب إلى من أتى منهم منكرا والسعي في إصلاحه.
والله أعلم.