الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأولا نقول للسائل إن كلمة الطلاق وإن كانت سهلة على اللسان قد تكون لها عواقب وخيمة وآثار سيئة على المطلق نفسه وعلى أولاده وزوجته، فالطلاق قد يصل إلى مرحلة تحرم على الرجل زوجته فيها مع حبه لها وتعلقه بها ، وكما هو معلوم بأنه من أعظم أسباب ضياع الأولاد وقطع الأرحام وغير ذلك من الآثار الضارة والعواقب البغيضة، لذلك لا ينبغي اللجوء إليه إلا عند الأسباب الداعية إليه كاستحالة دوام العشرة بين الزوجين أو نحو ذلك، أما عن السؤال فنقول إن الطلاق إذا صدر من الرجل في حالة يعي فيها ما يقول ويدرك ما يصدر منه فإنه يقع ولو كان في حالة غضب أو مرض، وإذا وصل الطلاق إلى ثلاث بين كل اثنتين منها رجعة فإنه يحرم الزوجة على زوجها حتى تنكح زوجا غيره، وهذا بإجماع، أما إذا كان بلفظ واحد أو لم تتخلله الرجعة فإنه يحرم الزوجة أيضا على نحو ما سبق عند جمهور أهل العلم، ومن أهل العلم من يقول إذا كان بلفظ واحدا ولم تتخلله رجعة فإنه لا يحسب إلا طلقة واحدة، وتراجع الفتوى رقم : 64355 ، وعلى هذا فإذا تحصل من مجموع الطلقات المتعددة التي أوقعها السائل ثلاث طلقات بين كل اثنتين منها ارتجاع وكان يعي ما يقول فإن زوجته تكون بذلك بائنة منه بينونة كبرى ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، ولو كانت في فترة الحيض على مذهب الجمهور، أما على قول شيخ الإسلام ومن يرى رأيه من كون الطلاق المخالف للسنة ومنه الطلاق في فترة الحيض لا أثر له فلا يحسب من الطلقات ما كان في فترة الحيض، كما أنه أي شيخ الإسلام ومن معه يرى أن طلاق المرأة أثناء عدتها قبل أن ترتجع لا يحسب، فلا تبين المرأة بينونة كبرى عند هؤلاء إلا بثلاث تطليقات بين كل اثنتين منها ارتجاع كما قدمنا، ولا بد أن تكون المرأة في غير حالة الحيض أو النفاس .
والله أعلم .