الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنت قد وضعت الثياب أولاً في الغسالة ثم صببت الماء عليها فالماء المنفصل طاهر ما لم ينفصل متغيراً بالنجاسة، والظاهر عدم تغيره لأن ما يصيب الثياب من أثر الجماع شيء يسير. وعليه، فلا يكون ما أصابه من أرضية الحمام متنجسة ولا ما لاقاها من الأحذية.
أما إذا وضعت الماء في الغسالة أولاً ثم وضعت الثياب، فإن أهل العلم قد اختلفوا في تنجس الماء في هذه الحالة إذا كان الماء دون القلتين؛ فذهب بعضهم إلى أنه يتنجس وإن لم يتغير بسبب النجاسة، وذهب آخرون إلى أنه طاهر إلا إن غيرته النجاسة، وكلا القولين معتبر ولا حرج عليك في أن تأخذ بأحدهما، فإذا أخذت بالأحوط وهو قول من يقول بتنجس الماء في تلك الحال أو كان الماء قد غيرته النجاسة فإن أرضية الحمام متنجسة، وكل ما لاقاها وهي مبلولة أو هو مبلول فإنه يتنجس، واختلف العلماء رحمهم الله تعالى في طهارة الأرض المتنجسة على قولين مشهورين:
الأول: مذهب الحنفية وهي رواية عن الإمام أحمد، واختارها شيخ الإسلام أنها تطهر بالشمس والريح والجفاف ولا يشترط غسلها بالماء.
الثاني: مذهب الجمهور وهو أنها لا تطهر إلا بالماء.
وكلا القولين معتبر لأن المسألة من مسائل الاجتهاد، ولو أخذ العامي بواحد منهما فهو على خير، وما دمت قد اطمأنت نفسك للقول الأول وعملت على وفقه ثم عملت بالرأي الآخر وغسلت الأرض فأنت في الحالين على خير، والقائلون باشتراط الطهارة من النجاسة لصحة الصلاة قد اختلفوا فيمن صلى وعليه نجاسة وهو جاهل بهذا الحكم أو كان ناسياً للنجاسة هل يلزمه إعادة الصلاة أو لا؟ فمنهم من أوجب الإعادة كالشافعية والحنابلة وهو الأحوط، ومنهم من لم يوجبها، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 6115.
وما ذكرناه مبني على تأكدك من نجاسة ما علق بحذائك، أما إذا كان مشكوكاً في نجاسته فالأصل الطهارة.
وإذا وطئت الأرض المتنجسة برجلك تنجست رجلك، فإذا ما وطئت برجلك وهي مبتلة السجاد فإنه يتنجس، فإذا جف وعدت فوطئته برجلك المبتلة تنجست رجلك ولو لم تر النجاسة أو تشم لها رائحة؛ لأن المحل الذي وطئته لا يزال متنجساً ولا يطهر على رأي الجمهور إلا بصب الماء عليه، أما على الرأي الأول فإنه يكون قد طهر بالجفاف.
وأما زوجتك فقد علمت أنها لبست الحذاء عند دخولها الحمام ولا يلزمك سؤالها مرة أخرى عن تفاصيل ما حصل منها، والأصل الطهارة. وأما إذا وطئ برجله المتنجسة عدة أماكن فإنها تنجس كل مكان لاقته وهي مبلولة، وأما بعد الجفاف فما لاقته فإنها لا تنجسه لأن ملاقاة الجاف للجاف لا ينجسه بغير خلاف، إلا أن رجله لا تزال متنجسة حتى تغسل بالماء، وهذا كله بناء على مذهب الجمهور من أن محل النجاسة لا يطهر إلا بالغسل، أما الرأي الآخر الذي يكتفي بزوال لون النجاسة وطعمها وريحها بالجفاف أو الشمس أو الريح ونحو ذلك، فلا يقولون بهذا التفصيل الذي فصلناه. ولو أخذت برأيهم فلا حرج عليك دفعاً للحرج والمشقة. وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 76752 للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.