الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالبيع والشراء عن طريق المصارف في هذه الحالة يتخذ صورتين رئيسيتين:
الأولى: أن يتم البيع والشراء في حدود رأس المال الذي يملكه العميل. وهذا لا إشكال فيه، إذا روعي في التعامل تحقيق ضوابط الشرع فيما يتعلق بالقبض والبيع بعد التملك، وغير ذلك.
الثاني: أن يتم البيع والشراء عن طريق التسهيلات المسماة (margin) وهي في حقيقتها قرض يأخذه العميل من المصرف.
وهذه العملية تتخذ أشكالاً وصوراً يختلف الحكم باختلافها:
أ- فإن كان المصرف يأخذ فائدة مقابل القرض، فلا شك في التحريم لكونه رباً صريحاً.
ومما يجدر التنبه له هنا أن اشتراط البنك على العميل أن يكون له حساب جارعنده ليس من هذا الباب، لأن البنك - في هذه الحالة - أجير موكل بالشراء، فاشتراطه وجود الثمن بحوزته قبل بدء عملية الشراء أمر وارد، والحاجة إليه ماسة، واحتمال أن يستفيد من هذا الثمن في فترة وجوده عنده احتمال لا يؤثر في الحكم ما لم يكن مقصوداً بذاته.
وقد نص العلماء على أن هذا النوع من الاحتمال متجاوز عنه حتى في الغرر، وهو صنو الربا في أبواب المعاملات. قال في الكفاف مستثنياً من الغرر المؤثر:
إلا يسير غرر يحتاج له وليس يقصد لدى المعاملة
ثم إن اقتراض الموكل (العميل) من وكيله ( البنك) ما يغطي به بقية متطلبات الصفقة جائز هو الآخر إذا لم يصاحبه ما يقتضي منعه ، ككون القرض بفائدة مثلاً.
ب - وإن كان المصرف يأخذ أجرة على ما يقوم به من عمليات البيع والشراء بحيث لا تزيد الأجرة عن أجرة المثل، فلا حرج في ذلك.
ج- وثمة محذور ظاهر يكتنف أكثر هذه التعاملات: وهو كون البيع والشراء يتم على سلعة غير موجودة، وإنما على قيمة سوقية فقط.
فلو أراد العميل أن يحوز ما اشتراه من الذهب - مثلاً- ليتملكه لم يمكنه ذلك. فضلاً عن أنه لا يعلم هل يقوم المصرف بشراء الذهب حالاً أم مؤجلا ، لو كان هناك شراء حقيقي.
فإذا كانت التسهيلات المذكورة لا تترتب عليها فائدة يأخذها المصرف، وكان البيع والشراء يتم على عين موجودة قائمة يمكن تملكها وحيازتها، وحصل التقابض والتماثل فيما يشترط له ذلك صحت المعاملة وإلا فلا.
والله أعلم.