الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ريب أن ما تقوم به أنت ومن معك وصاحب الشركة من إرسال موديلات أخرى غير الموديلات التي تم الاتفاق عليها مع الزبون يعد غشا محرما، يستوجب التوبة ممن شارك في هذا العمل الآمر والمأمور سواء، ولا يرفع عنكم الإثم أنكم تفعلون ذلك بأمر صاحب الشركة، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وكل واحد منكم يبوء من الإثم بقدر عمله فيه. فعليك أن تبادر إلى التوبة النصوح وتعزم على عدم العود لمثل هذا الذنب وأن تنصح صاحب الشركة وزملاءك ممن يعملون هذا العمل بالتوبة إلى الله عز وجل والاقلاع عن غش الناس وخداعهم.
أما بخصوص حكم مرتبك من وراء هذا العمل أحلال هو أم حرام فنقول: إن قيامك بغش الزبائن عمل محرم فالمقابل عليه حرام، فانظر في قدر هذا العمل من جملة المرتب فتخلص منه في وجوه الخير، وأما ما يبقى من المرتب الأصلي فحلال لأنه مقابل عمل مباح، لكن يجب عليك ترك العمل في هذه الشركة إن كانت تلزمك بغش الناس والكذب عليهم .
وبالنسبة لحكم التعامل في البيع بالكتالوجات فنقول: إن كان المقصود أن يطلع المشتري على صورة للسلعة في الكاتلوج ويعرف أوصافها دون أن يرى شيئا مصنوعا حاضرا منها فهذا من باب بيع الغائب الموصوف فإن كان موجودا في المستودعات ونحوها فبيعه جائز ولا حرج في تأخير ثمنه ، جاء في الفواكه الدواني : ولا بأس بشراء ما في العدل على البرنامج بصفة معلومة. والبرنامج الدفتر المكتوب فيه صفة الثياب الموجودة في وعاء البائع فإن وجد المبيع على الصفة لزم المشتري وإلا خير .
أما إن كانت السلعة غير موجودة وإنما سيتم تصنيعها فهذا بيع سلم، ويشترط فيه أن يتم تسليم الثمن في مجلس العقد ، وإن كان المقصود بالبيع عن طريق الكاتلوج أن يعرف نموذج من السلعة المرقومة فيه على المشتري فيقع البيع على مثالها الموجود في مستودع البائع ، فهذا يدخل في بيع الأنموذج أي مثال الشيء أو العينة أو ما يسمية التجار السنبل، فيراه المشتري ويتفق مع البائع على أن المبيع من جنسه . ومتى قيل بجواز بيع الغائب الموصوف فهذا من باب أولى لأنه من جنسه ، ولذا ذهب الجمهور إلى جواز هذا البيع .
وننبه السائل إلى مسألتين :
الأولى : أنه لا يجوز استخدام صور النساء المتبرجات في ترويج السلع .
الثانية : أن من تمام توبته إخبار من غشهم إن استطاع بحقيقة الأمر، ثم هم بعد ذلك بالخيار إن شاؤوا أمضوا البيع أو ردوا السلعة وفسخوا البيع .
والله أعلم .