الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجواب هذا السؤال يتضمن عدة مسائل:
المسألة الأولى: أنه يجوز تأجير السيارة لمكتب الإيجار مقابل مبلغ محدد في الشهر أو حسب ما يتفق عليه، وللمكتب أن يؤجر هذه السيارة بعد قبضها بمثل الأجرة أو بأقل أو بأكثر على الصحيح من أقوال أهل العلم. جاء في المغني: يجوز للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة إذا قبضها، نص عليه أحمد.. وفي رواية أخرى أنه لا يجوز، والأول أصح. اهـ
المسألة الثانية: السيارة المستأجرة أمانة في يد المستأجر فلا ضمان عليه إلا فيما فرط فيه أو تعدى. وعليه، فلا يصح أن يضمن صاحب المكتب السيارة مطلقا، وإنما يقيد الضمان بحالتي التعدي والتفريط من قبله أو من قبل المستأجر الثاني. ومن صور التعدي أن يقوم المكتب بتأجيرها لغير مأمون، أو لغرض غير الغرض المعتاد. جاء في المدونة: في المكتري يكري من غيره قلت: أرأيت إن اكتريت دابة فحملت عليها غيري أأضمن أم لا؟ قال: لا ضمان عليه إذا حمل من هو مثله في الخفة والأمانة؛ إلا أن يحمل عليها من هو أثقل منه أو غير مأمون فأراه ضامنا، وهذا قول مالك. اهـ
المسألة الثالثة: إذا كان التأمين الذي يشترطه صاحب المكتب على ضامن السيارة تأمينا تجاريا فإنه لا يجوز الاستجابة لهذا الشرط لأن التأمين التجاري محرم شرعا، أما إن كان تأمينا تعاونيا فلا مانع من الوفاء بهذا الشرط، وراجع الفتوى رقم: 3304.
وأما مسألة عدم علم صاحب السيارة بحال المستأجر لها، وهل يستعملها في معصية أم لا؟ فإنه لا يلزم معرفة ذلك، ويُحمَل الناس على المحمل الحسن حتى يتبين خلافه، فإذا ظهر أن المستأجر سيستعملها في معصية لم يجز أن تؤجر له، وراجع الفتوى رقم: 39135.
وبالنسبة للسؤال الأخير فنقول: إنه إذا صحت الإجارة المتقدمة حسب ما وصفنا فلا حرج في العائد الحلال من ورائها وإن كان كبيرا أو لم يبذل فيه جهد ذو بال، إذ لا تلازم بين الربح والجهد في كون الربح حلالا أو حراما، فقد يبذل الشخص جهدا قليلا ويكسب مالا وفيرا، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
والله أعلم.