الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الحسد مرض عظيم وداء خطير يصيب الحاسد نفسه فيأخذه الهم والغم؛ بل ربما يجن ويأخذه الخبال أو يقتل نفسه حسدا لنعمة عند غيره؛ ولذا قال الحسن البصري رحمه الله: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد نفس دائم وحزن لازم وعبرة لا تنفد. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لا تعادوا نعم الله ! قيل له: ومن يعادي نعم الله ؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله.
فالحاسد نفسه هو المصاب، وأما المحسود فقد لا يشعر بذلك أصلا ما لم ينم إليه خبر الحاسد، ولا تأثير للحسد على المحسود؛ إلا أن تصحبه عين فربما أثرت لأن العين حق؛ كما في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين. رواه مسلم. وفي مسند أحمد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن أباه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعامر بن ربيعة لما حسد سهل بن حنيف: علام يقتل أحدكم أخاه! هلا إذا رأيت ما يعجبك برَّكت. وصححه الأرناؤوط. وقال ابن مفلح في الآداب بعد هذا الحديث: فمن خاف أن يضر غيره فليقل ذلك. وكان عروة إذا رأى شيئاً يعجبه قال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
وخلاصة القول أن الحسد داء عظيم ووزر كبير، وضرره أكثر ما يكون على الحاسد نفسه ما لم تصحبه العين أو السحر. ولمعرفة خطورة الحسد والعين وكيفية علاجهما نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69659، 73932، 7976.
والله أعلم.