الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبهك إلى أنك قد أحسنت في حرصك على القرب من والدك والعمل على إرضائه، فإن في رضا الوالد في المعروف رضا الله سبحانه وتعالى، خصوصا إذا كان في الحالة التي بينتها. فقد قال صلى الله عليه وسلم: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم عن أبي هريرة. وروى الترمذي من حديث عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. وفي الترمذي أيضا من حديث أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن من حق الزوجة على زوجها أن تطلب مسكنا مستقلا، ولكن المقصود بالمسكن المستقل أن يكون للزوجة حجرة مع ملحقاتها من ممر ومطبخ ومكان قضاء الحاجة، وليس المقصود بالمنزل المستقل غير ذلك.
قال الشربيني في مغني المحتاج: ولو اشتملت دار على حجرات مفردة المرافق جاز إسكان الضرات فيها من غير رضاهن، والعلو والسفل إن تميزت المرافق مسكنان.
فإذا كنت قد أسكنت زوجتك في غرفة مستقلة المخرج والمدخل عن الشقة التي يسكنها أبوك، فإنك بذلك تكون قد أعطيتها حقها عليك. وما ذكرت أنك عرضته على أهلها بأن تسكن في منزل آخر يخصك إلا أنه مجاور للمنزل الذي يسكن فيه والدك هو زيادة منك في السعي في إرضائها.
وإذا كانت تمتنع من جميع تلك العروض فمعنى ذلك أنها لا تقبل إلا أن تقطعك من أبيك، وليس ذلك من حقها، بل ولا يجوز لك أن تطيعها فيه.
فعليك أن تعالج حالها بالحكمة، وإذا بقيت مصرة على تحقيق طلبها أو الطلاق، فهي بذلك تكون ناشزا، وقد سبق أن بينا كيف تعامل الناشز، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 31060.
والله أعلم.