الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتسابق في الامتحان على النحو المذكور في الصورتين حرام ولا يجوز، إذ كل مشترك فيه يدفع مبلغاً من المال وهو على رجاء أن يحوز المبلغ الذي يبذله المدرس أو يحوز المبالغ التي دفعها الآخرون، وقد يحصل له هذا فيكون قد أخذ مال الآخرين بغير حق أو يخسر فيضيع عليه ما دفع، وهذا هو عين الميسر المنهي عنه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90}، ولكي يكون التسابق المذكور جائزاً فلا بد من تعديل الصورتين المذكورتين إما بأن يبذل المدرس أو شخص آخر المكافأة المالية دون أن يدفع الطلاب شيئاً أو أن يدفعوا، ولكن يدخل معهم في التسابق طالب آخر مكافئ لهم في المستوى العلمي لا يدفع شيئاً ويأخذ المال المجموع من باقي الطلاب إن سبق بأن حصل على أعلى الدرجات، ولا يغرم إن سبُق بحيث يخرج التسابق عن صورة الميسر الذي لا ينفك كل من دخل فيه عن كونه آخذاً، أو مأخوذاً منه.
وننبه إلى ضرورة كون مادة الامتحان مادة علمية نافعة وإلا لم يجز التسابق عليها بجائزة ولو حصل التعديل المذكور، لأن التسابق على جائزة لم يشرع إلا فيما فيه نفع للأمة، كحفز المتسابقين على التعلم، ودفعهم إلى البحث عن مسائل العلم النافع، وشحذ أذهانهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر. رواه أحمد وغيره وصححه الألباني.
ومعنى الحديث هو أنه لا يحل أخذ المال بالمسابقة إلا في خف: أي للبعير، أو في النصل: أي السهم، أو حافر: أي للخيل، وإنما خص هذه بالجواز، لأنها من عدة الحرب، ومن أسباب القوة، وقد ألحق بها العلماء التسابق في العلم النافع، الذي تنتفع به الأمة. وراجع في ذلك بالتفصيل الفتوى رقم: 26712، والفتوى رقم: 11604.
والله أعلم.