الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن سؤال الله تعالى الوسيلة والفضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بعد النداء، أمر مطلوب، ومرغب فيه، فعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع النداء: "اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة، والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة. رواه البخاري، وغيره.
وفي مسلم، وغيره عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى عليّ صلاة، صلى الله بها عليه عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة.
فهذه الأحاديث تدل على مشروعية طلب الوسيلة بعد الأذان، وبعد الإقامة، لأن كلًّا منهما يسمى نداء، ويسمى أذانًا.
وأما بالنسبة لرأي المذاهب: فإنهم لا يختلفون في طلبها بعد الأذان؛ لصراحة الأحاديث الواردة في ذلك، وكثرتها.
وأما بعد الإقامة: فالظاهر من كلام الأحناف، والشافعية، والحنابلة أن كل ما طلب من سامع الأذان، فهو مطلوب من سامع الإقامة:
قال صاحب شرح فتح القدير، وهو حنفي المذهب: وفي التحفة: ينبغي أن لا يتكلم، ولا يشتغل بشيء حال الأذان، أو الإقامة. وفي النهاية: تجب عليهم الإجابة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أربع من الجفاء: ومن جملتها: ومن سمع الأذان أو الإقامة ولم يجب.
وقال صاحب المهذب، وهو شافعي: ويستحب لمن سمع الإقامة أن يقول مثل ما يقول. وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى: لم أر من قال بندب الصلاة والسلام أول الإقامة، وإنما الذي ذكره أئمتنا أنهما سنتان عقب الإقامة، كالأذان، ثم بعدهما: اللهم رب هذه الدعوة التامة ....
وقال ابن قدامة، وهو حنبلي: ويستحب أن يقول في الإقامة مثل ما يقول.
فعبارات هؤلاء الأعلام، تدل على أنهم لم يفرقوا بين الأذان والإقامة، وأن على من سمع الإقامة مثل ما على من سمع الأذان، بما في ذلك طلب الوسيلة.
وأما المالكية: فلم نر لهم نصًّا في الموضوع، فيما يتعلق بالإقامة.
والله أعلم.