الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم وفقنا الله وإياك لاتباع شرعه والوقوف عند حدوده أن واجب المسلم هو تحكيم شرع الله في الصغير والكبير مع الانقياد التام له ظاهرا وباطنا قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء:65} .
ثم اعلم أن الله تعالى أدرى بما في الطلاق من الفساد، ومع ذلك فإذا طلق الرجل زوجته ، فلا بد بعد ذلك من معاملة المطلق بما حدده الشرع.
ولا يجوز أن يزعم المسلم أن مفسدة الانحراف عن الشرع يمكن أن تقارن بأية مفسدة أخرى.
فإذا تقرر عندك هذا الأمر، فاعلم أن من طلق زوجته ثلاثا بلفظ واحد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره في قول أكثر أهل العلم، وأنه ليس بينهم خلاف في أن المطلقة ثلاث تطليقات بألفاظ متعددة ترتجع بعد كل تطليقة، لا تحل للمطلق حتى تنكح زوجا غيره لقول الله سبحانه: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ {البقرة: من الآية230}. وروت عائشة: أن رفاعة القرظي طلق امرأته فبت طلاقها، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إنها كانت عند رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فتزوجت بعده بعبد الرحمن بن الزبير وإنه والله ما معه إلا مثل هذه الهدبة وأخذت بهدبة من جلبابها قالت: فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضاحكا وقال: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته. متفق عليه. وفي إجماع أهل العلم على هذا غنية عن الإطالة فيه.
ثم لا يجوز ولا يصح أن يتزوج الرجل المرأة بنية تحليلها، فقد روى ابن ماجه وغيره عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له.
فهذا هو الشرع الذي لا يصح المحيد عنه.
والله أعلم.