من قال إن تحكيم القوانين الوضعية كفر .. ليس من الخوارج

2-8-2001 | إسلام ويب

السؤال:
1- هناك بعض الشباب من المنتسبين إلى الدعوة السلفية يتهمون بعض إخوانهم بأنهم خوارج والسبب أنهم يقولون إن تحكيم القوانين الوضعية كفر أكبر مخرج من الملة وذ لك استنادا لفتوى صادرة عن اللجنة فما رد سماحتكم .2- هل المجرح يعدل نفسه وهل هي قاعدة أم لا؟3- هناك داعية بالجزائر -algerian- حذر من بعض الشباب بحكم أنهم خوارج والسبب هو دائما اعتبار تحكيم القوانين الوضعية كفرا مخرجا من الملةوهؤلاء الشباب الذين يعتبرون إخوانهم أنهم خوارج يتهمون أعضاء اللجنة بأنهم تكفيريون خاصة بكر أبو زيد والشيخ ابن جبرين. والسلام عليكم.

الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن فرقة الخوارج إحدى الفرق الضالة المارقة عن الدين، والتي تتبنى جملة من الأصول الكلية المخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة، كتكفير مرتكب الكبيرة، والطعن في عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتكفيرهم، وإنكار رؤية الله تعالى في الآخرة، وإنكار حد الرجم، وغير ذلك من الضلالات والجهالات.
وكان أول خروجهم أنهم خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقاتلهم وأراح المسلمين من شر أكثرهم.
وكل من دان بمعتقد الخوارج في التكفير بالكبيرة، أو الخروج على الإمام العدل، فهو خارجي.
ولا يدخل في هذا من اعتبر تحكيم القوانين الوضعية كفراً أكبر يخرج عن الملة، فإن هذا القول مأخوذ عن جماعة من علماء الإسلام ممن عاصر هذه القوانين، وعرف ما فيها من الجرأة على الله وعلى كتابه ودينه، وما اشتملت عليه من تغيير الشرع، وتحليل الحرام، وتحريم الحلال، وكان أول ما ابتليت به الأمة من هذه القوانين ما وضعه جينكزخان من الياسق، وهو كتاب مجموع من شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، فصار في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونه على الكتاب والسنة، واستمر التتار على الحكم به حتى بعد إسلامهم، وقد أفتى العلماء بأن التحاكم إلى الياسق كفر، ومنهم من حكى الإجماع على ذلك، كالإمام ابن كثير رحمه الله في كتابه : البداية والنهاية.
وهكذا الحال بالنسبة للقوانين الوضعية المعاصرة، أفتى جماعة من علماء العصر بأن تحكيمها في الدماء والأموال كفر أكبر، ومن هؤلاء العلامة المحدث أحمد محمد شاكر، والعلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ، إلى غير هؤلاء من المشايخ المعروفين بالعلم والصلاح، والاستقامة على منهج أهل السنة والجماعة، كالشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ صالح الفوزان.
وعليه، فكيف يوصف هؤلاء ومن وافقهم بأنهم من الخوارج؟!
ولا شك أن جماعة من علماء العصر لا يرون أن مجرد تحكيم القوانين - دون استحلال لذلك، أو تفضيل لها على أحكام الشريعة - من الكفر الأكبر، فغاية الأمر أن يقال: إنها مسألة خلافية بين علماء العصر، لا أن يوصف أحد الفريقين بأنه يتبع مذهب الخوارج البدعي الباطل.
وأما اتهام المشايخ أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، بأنهم خوارج فهذا منكر عظيم، وجناية بالغة على العلم وأهله، فإن هؤلاء هم بقية السلف في هذا العصر، وعليهم وعلى أمثالهم المعول في بيان معتقد السلف ونصرته، وهم أحق الناس بالرجوع إليهم في هذه المسائل الكبيرة الخطيرة، ومن وقع في هؤلاء العلماء بالسلب، فإنه يخشى عليه، ويحذر من سوء عاقبته.
ولهذا، فلا بد من مناصحة هؤلاء الشباب وتحذيرهم من الوقوع في أهل العلم، وتوجيههم إلى أخذ العلم من هؤلاء العلماء الأثبات. ومن اشتهر عنه الطعن في هؤلاء العلماء، والحط عليهم، فلا تنبغي مجالسته ولا أخذ شيء عنه، بل يحذر منه وينفر حتى يعود إلى رشده، ويسلك جادة أمره، فيحفظ لهؤلاء العلماء مكانتهم، ويجزم بأنهم على المعتقد السلفي النقي، الذي هو وسط بين مذهب الخوارج، ومذهب المرجئة.
ونسأل الله أن يرد هؤلاء الشباب إلى الحق رداً جميلاً.
وأما تعديل الإنسان لنفسه ، فلا يقبل منه ، والمتقرر عند أهل العلم أن التعديل يثبت بالاستفاضة أو بتنصيص عدلين عليها ، وصصح جماعة أن الجرح والتعديل يثبتان بواحد ( انظر تدريب الراوي للسيوطي).
وكيف يقدم العاقل على تزكية نفسه ، وقد قال الله تعالى ( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ).
والله أعلم.

www.islamweb.net