الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا تيقنتم أن والدتكم لم تخرج زكاة المال المذكور فعليكم إخراجها من رأس المال، وليس لأحد من الورثة أن يعارض لأن قدر الزكاة لا يدخل ضمن الإرث، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وحقوق الله تعالى مقدمة على حقوق الآدمي فتخرج قبله من تركته سواء أوصى بها أم لا لخبر (فدين الله أحق أن يقضى). وذهب بعض أهل العلم إلى أن الورثة لا يجبرون على إخراجها إذا لم يوص بها، ففي منح الجليل للشيخ عليش المالكي: وأما زكاة العين فإن علم حلولها من غيره وأوصى بها فتكون من رأس ماله بعد الدين كسائر حقوق الله تعالى، وإن لم يوص بها فلا تجبر الورثة على إخراجها.
وإن لم تتيقنوا أنها أخرجتها ولكن عندكم قرائن أنها لم تخرجها فالورع والاحتياط إخراجها ولكن برضى الورثة الراشدين، ومن كان منهم غير رشيد أو امتنع أعطي نصيبه من كامل المال ثم تخرج زكاة الباقي ثم يقسم بقية المال للورثة.
وأما كم تجب الزكاة كل سنة فالواجب هو الاجتهاد في تحديد السنة التي يمكن أن يكون بلغ المال فيها النصاب وكم قدره كل سنة وإخراج الزكاة لكل ما مضى من السنين ولا تكلفون فوق طاقتكم، قال الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286}، ونسأل الله تعالى أن يعفو عن والدتكم ويتجاوز عنها، وأكثروا لها من الدعاء.
والله أعلم.