الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يحسن عزاءكم جميعا في هذين الفقيدين، ويجزل لكم المثوبة، ويجعل البركة فيما خلفاه من عقب.
وليس من شك في أن صدمة وفاة ابن عمتك كانت قوية جدا بالنسبة لشقيقتك، وهو أمر يبرره ما بينهما من الزوجية والقرابة، وأبوته لولديها، وغير ذلك مما يكون بين الزوجين عادة وهو دليل أيضا على حبها لزوجها وتقديرها لحاله.
وأما السائق، فإنه إن كان متعمدا لما جرى فإنه قد بالغ في الإثم، والعياذ بالله. قال الله تعال: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات... وعد منها: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. والقاتل عمدا مستحق للقصاص إلا أن يعفو أولياء الأمر.
وإن لم يكن متعمدا لما جرى فإنه -على الأقل- مخطئ بفراره؛ لأن من واجبه أن يسلم نفسه للتحقيق، وتلزم عاقلته بالدية إذا ثبت تعديه في شيء مما حصل.
ولكنه قد لا يكون آثما بما حصل من الكارثة؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. كما في سنن ابن ماجه وصحيح ابن حبان. فخطؤه بالفرار لا يلزم منه خطؤه في أصل الحادث.
والله أعلم.