الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما تركت والدتك تخرج منه الحقوق المتعلقة بالتركة أولاً، ثم تقضى منه الديون إذا كانت عليها ديون، ثم الوصايا النافذة شرعاً، ثم يقسم الباقي على الورثة.
وعلى ذلك فوصية والدتك لغير الورثة تعتبر وصية نافذة شرعاً في حدود الثلث.
وأما الوصية للأحفاد (أبناء البنت أو غيرها) فغير واجبة عند جمهور أهل العلم، ولكنها مستحبة وقد سبق بيان ذلك بالأدلة وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 22734 نرجو أن تطلعي عليها.
ولا شيء لمن توفي من الورثة قبل مورثه، ولذلك فإن الأخت التي توفيت قبل والدتها لا ترثها، لأن من شروط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، وما دام الورثة محصورين فيمن ذكرت -وهم البنتان وابن الأخ- فإن التركة تقسم على النحو التالي: للبنتين الثلثان فرضاً لتعددهن، لقول الله تعالى: فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ {النساء:11}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: اعط ابنتي سعد الثلثين. رواه أحمد والترمذي والحاكم وغيرهم.. وما بقي بعد فرض البنتين يكون لابن الأخ تعصيباً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. متفق عليه.
ويستحب للورثة أن يرزقوا أقاربهم من أبناء إخوتهم وغيرهم وخاصة المحتاجين منهم عند قسم التركة لقوله تعالى: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا {النساء:8}.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.