الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان البنك ربوياً، فإنه لا يجوز الإيداع فيه إلا عند الضرورة، كأن يخاف على ماله ولا يوجد بنك إسلامي، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج، إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام. انتهى.
أما بخصوص الجوائز التي تعلن عنها البنوك الربوية لمن يودع لديها فإنما هي حيلة تلجأ إليها بعض هذه البنوك الربوية، لتضلل الناس، فلا تعلن عن فوائد ربوية، وإنما تضع جوائز، يتم السحب عليها أوتُوزع بالقرعة في نهاية السنة أو كل ستة أشهر، ويكثر تداول هذه الطريقة فيما يسمى بشهادات الادخار أو الاستثمار، وهذه الحيلة لا تجعل الحرام حلالاً، فإن البنك لا يوزع الجوائز من ماله، وإنما هي فوائد الربا، يوزعها بهذه الطريقة، بدلاً من توزيعها على جميع العملاء، وهي طريقة تجمع بين الربا والميسر.
يقول الدكتور علي السالوس في كتابه: معاملات البنوك الحديثة في ضوء الإسلام ص (38): وإذا كان البنك الربوي قد صنف الشهادات أصنافاً ثلاثة، فجعل الأولى غير الثانية بقصد جذب أكبر عدد ممكن، فإنه في المجموعة الأخيرة خطا خطوة أبعد، فجاء إلى مجموع الربا، ثم قسمه إلى مبالغ مختلفة لتشمل عدداً أقل بكثير جداً من عدد المقرضين، ثم لجأ إلى توزيع هذه المبالغ المسماة بالجوائز عن طريق القرعة! وبهذا ربما نجد صاحب قرض ضيئل يأخذ آلاف الجنيهات، على حين نجد صاحب الآلاف قد لا يأخذ شيئاً.
فالأول أخذ نصيبه من الربا ونصيب مجموعة كبيرة غيره، والثاني ذهب نصيبه لغيره، وفي كل مرة يتم التوزيع يترقبه المترقبون، يخرج هذا فرحاً بما أصاب، ويحزن ذلك لما فاته، وهكذا في انتظار مرة تالية، أليس هذا هو القمار؟ فالبنك الربوي لجأ إلى المقامرة بالربا! فمن لم يُغره نصيبه من الربا في المجموعتين، فليقامر بنصيبه في المجموعة الثالثة... ألا يمكن إذن أن تكون المجموعة (ج) أسوأ من أختيها؟ انتهى.
وعليه؛ فإن هذه الجوائز التي يوزعها البنك الربوي هي عين الفائدة الربوية، ومن أخذ شيئاً منها وجب عليه أن يتخلص منه بإنفاقه في وجوه البر، مع ضرورة سحب الأموال من البنك الربوي إلا في حالة الضرورة التي سبق بيانها.
والوجه الثاني لتحريم الإيداع بشرط الدخول في السحب على الجوائز هو أن الأموال التي تودع في البنوك الربوية، وتسمى ودائع هي في حقيقتها قرض من صاحب المال للبنك، وإذا كان الأمر كذلك، فلا يجوز لصاحب القرض أن يأخذ من المقترض أي منفعة مقابل القرض، فقد أجمع العلماء على أن كل قرض جر نفعاً فهو محرم، قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام، بغير خلاف، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا، وقد روي عن أبي بن كعب، وابن عباس، وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة. انتهى.
أما إن كان الشخص يودع في بنك إسلامي فالأمر يختلف جداً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3720.
والله أعلم.