الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلبيان حكم البيع المذكور ينبغي أن تعرف لماذا لم يتمكن البائع من الحصول على سند الملكية. هل لأن الشقة المباعة مرهونة بذاتها بدين، أم أن العمارة التي توجد فيها الشقة مرهونة، وليس بالضرورة أن تكون الشقة المباعة كذلك.
وعلى كل نقول: إذا كانت الشقة مرهونة، وكان بقاء سند الملكية عند المرتهن بمثابة قبض لهذا الرهن، وقام المالك لها ببيعها بدون إذن من المرتهن- فهذا البيع محل اختلاف عند أهل العلم، فمنهم من ذهب إلى أنه بيع باطل من أصله؛ كما جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: وتصرف راهن في رهن لازم أي مقبوض بغير إذن المرتهن بما يمنع ابتداء عقده كهبة ووقف وبيع ونحوه لا يصح. اهـ
وذهب آخرون إلى أنه بيع صحيح موقوف على إجازة المرتهن، كما جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: فبيع المرهون صحيح ولكنه موقوف على رضا المرتهن. اهـ
فعلى القول الثاني يُعتبر البيع المذكور صحيحا نافذا باعتبار حصول المالك على سند الملكية إجازة من المرتهن للبيع، وبالتالي لا يجوز للأخ السائل أن يشتري الشقة من صديقه لخروجها عن ملكه لصحة البيع الأول ونفاذه، وما حصل عليه المشتري الأول من غلة الإيجار فهو له لأنه بان أنه مالك للشقة فيما مضى.
وأما على القول الأول فالبيع باطل، وعلى المشتري تسليم الشقة ودفع ما حصل عليه من غلة الإيجار إلى المالك؛ لأنه بان أنه غير مالك للشقة.
والذي نرى رجحانه هنا هو أن بيع المرهون صحيح نافذ إذا كان برضى مرتهنه.
وهنا مسألة وهي أن تراجع المالك عن بيع المرهون -على القول بصحة البيع- لا يبطل البيع لأنه في حقه صحيح لازم لكنه غير نافذ إلا بإذن المرتهن.
وبالإشارة إلى القانون المذكور فإنه قانون غير صحيح؛ لأن البيع إذا تم مستوفيا شروطه وأركانه ترتبت عليه آثاره من انتقال المبيع إلى ملكية المشتري واستحقاق البائع للثمن، ولا يجوز لآخر أن يشتري المبيع في هذا البيع الصحيح؛ لحديث: لا يبع أحدكم على بيع أخيه. رواه مسلم. ويعتبر البيع الثاني باطلا، أما سند الملكية ونحوه فهو للتوثيق وحفظ الحقوق، ولا يصح في الشرع أن من حصل عليه يعد مالكا ويبطل حق المشتري الأول.
والله أعلم.