الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن التواتر ليس شرطاً في صحة الأحداث، فكم من الأحداث حصلت أمام جماهير الناس مرارا ولم ترو بالتواتر، ولم يمنع ذلك من الحكم بثبوتها، فحجة النبي صلى الله عليه وسلم حصلت أمام عشرات الآلاف من الصحابة رضي الله عنهم، وقال لهم: لتأخذوا عني مناسككم.. ولم ترو عنه تفاصيل حجته إلا من حديث جابر رضي الله عنه، ووضوؤه وصلاته تكررا آلاف المرات أمام الصحابة ولم ترو صفة صلاته ووضوئه صلى الله عليه وسلم إلا عن قلة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ولم يفد ذلك شكاً في ثبوتها مع توفر الأسباب الداعية لنقلها بالتواتر.
واعلم أن قصة نداء عمر سارية قد ذكر ابن كثير وابن حجر أن سندها جيد وقد حسنها الشيخ الألباني.
وأما قصة العلاء بن الحضرمي فقد ذكرها ابن كثير وذكر أنها رويت بعدة أسانيد، وقد ذكرها محتجا بها على فضل هذه الأمة، وقد رواها البيهقي في دلائل النبوة.
وأما حفظ أجساد شهداء أحد رضي الله عنهم فترة من الزمن فقد ذكرت في عدة روايات ومن أصحها ما في البخاري عن جابر من قصة والده وفيها: ... فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعته. انتهى.
ومنها: ما في الموطأ من وجودهم بعد ست وأربعين سنة لم يتغيروا، وذكرها الذهبي في سير أعلام النبلاء دون اعتراض عليها، وذكر ابن حجر في الفتح أنه رواها ابن إسحاق في المغازي عن أبيه عن أشياخ من الأنصار، وذكر أن لها شاهداً بإسناد صحيح عند ابن سعد عن جابر.
والله أعلم.