الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تحريم الخمر ليس مقصوراً على شربها، بل كل من باعها أو ابتاعها أو سعى في تهيئتها، فقد تعرض للعنة وأثم وارتكب حراماً، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه. رواه أبو داود.
ومع أن بيع الخمر حرام فليس في الشرع حد لبائعها لكن للسلطان أو نائبه إذا اطلع عليه أن يؤدبه ويعزره حسبما يرى ويريق الخمر أيضاً، ففي التاج والإكليل على مختصر خليل في الفقه المالكي: إذا رفع للوالي أن في بيت فلان خمراً فإن أتاه بذلك رجل واحد ممن لا تجوز شهادته فلا يكشف عن ذلك ولا يهتك ستر مسلم بذلك، وإن أتاه بذلك عدول فشهدوا عنده على البت كشف عن ذلك وأهراقها وضرب المشهود عليه إلا أن يكون ممن له حرمة وليس بمشهور بالسوء فيتركه ولا يكشفه... انتهى.
وفي معالم القربة في طلب الحسبة في الفقه الشافعي في معرض كلامه على العقوبة المالية: قال: قال الغزالي للوالي أن يفعل ذلك إذا رأى المصلحة فيه، وأقول وله أن يكسر الظروف التي فيها الخمور زجراً، وقد فعل ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيداً للزجر، ولم يثبت نسخه ولكن كانت الحاجة إلى الزجر والفطام شديدة، وإذا رأى الوالي باجتهاد مثل تلك الحاجة جاز له مثل ذلك، فإن كان هذا منوطاً بنوع اجتهاد لم يكن ذلك لآحاد الرعية. انتهى.
والله أعلم.