الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإهمال الزوج لأولاده، وعدم تربيته لهم تربية إسلامية، أو توقع ذلك في المستقبل؛ ليس مانعا شرعا من التسبب في الإنجاب، بل لا يسوغ للمرأة أن تمتنع عن الإنجاب بحجة ذلك، خصوصا إذا كان الزوج يريد الولد، لأن ذلك حق له، ولا يجوز للمرأة أن تمنعه منه بغير إذنه، لكن عليها أن تذكره بواجباته تجاه أولاده بنحو قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته... الحديث وهو متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.
واعلمي أن تربية الأولاد واجب مشترك بين الزوجين، فليس خاصا بالرجل وحده، بل إن الأم -واقعياً- دورها في التربية أكبر من الرجل، ومن المتعارف عليه أن الأم هي صانعة الأجيال، وهي كما قال القائل:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.
ولهذا؛ فالواجب على الأم أن تضطلع بدورها في تربية أبنائها، وأن تحاول إقناع الأب ليضطلع بدوره، وإن تخلى عن دوره، فلا تتخلى هي أبدا عن هذا الواجب؛ وإلا فقد قال القائل ولله دره:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من هم الحياة وخلفاه ذليلًا
إن اليتيم هو الذي تلقى له أمًّا تخَلَّتْ أو أبًا مشغولا.
والله أعلم.